الجمعة، 15 نوفمبر 2019

رواية الفصل الأول : كيفين


الفصل الأول : كيفين 





صيف عام 1889 م، تكساس، الواليات المتحدة األمريكية. ٍ
 حينما سمع دوي صوٍت مخيف يشبه يقلب الدىم بمرح ً كان الطفل ذو األعوام األربعة جالسا يسيل عىل وجهه بغزارة ئ صوت الرعد ، ء داف شي أحس الطفل حينها ب ، حاول النظر لمصدر ىّط الصوت، ولكنه لم يستطع أن يرى سوى اللون األحمر الداكن الذي عينيه غ فمنعه من رؤية ما حدث. غريبة مسحت وجه الطفل بلطف ٌ امتدت يد ، فنظر إىل هذا الشخص الغريب ل. الذي مد ذراعيه وحمله إىل خارج المن من نومه عىل صوت نداء أمه للفطور استيقظكيف ي ، ي قد راوده ف َ مزعجا َ وكأن حلما شعرَ ً منامه، . ي ولكنه لم يتذكر شيئا المرآة ف ً ىت نهض من رسيره ثم غسل وجهه متأمال ، كان ف ٍ ذو شعر تي ٍق ب غام ى المع وعينان بر بالبهجة ٌ يىلء اقتان بسوادهما، يحتوي هما وجهه البشوش والم شق، م ً والنشاط عادة ولكن ً الب ته تي ه لم ينم جيدا هذا الصباح. خلع مالبس نومه وارتدى بنطاله وسن ى البيضاء ، وتوجه لوالدته ي ف األسفل. نزلكيف ي الدرج وبال غرف تقسمه ً ضي واسعا عن أمه،كان الدور األر ً باحثا سوى مدخل يقود ، ي ٍب خلف نحو المطبخ وبا نحو ال نظركيف ي مائدة الدائرية كانت أمامه بعد أن وصل نهاية ىتي ال يس الدرج، كان حولها ثالثة كرا ، و عليها صحن البيض واللحم المقدد الذي كان يحبه وبجانبه كأس الحليب الساخن، كانت أمام المائدة ىتي ثم نظر بتأمل من خالل النافذة ال ً تقدم قليال ، كانت ل ىتي زرعتها أمه قد نمت بجانب باب المن األزهار ال الذي كان عىل يمينه، فقد كانت تسقيها كل يو كان يتوسطها ذلك البيت ىتي م محاولة إضفاء بعض الجمال لألرض القاحلة ال ئ، ى يش القديم والمهن للقرية من تلك النافذة، حيث تتجمع منازل كان بإمكانه رؤية الطريق الرئي ً أهلها هناك تاركة ً لهم وحيدا من . جلس عىل المائدة ثم نظر أمامه ً متفقدا حيث مدخل المطبخ ٌ الذي تفوح منه ر ائحة اللحم والقهوة، وعىل شماله للنار ل موقد من بعيد وعىل طرف المن بجانب نافذة أخرى وعدة مقاعد تحيط به كانت أمه تحب الجلوس هناك لتخيط عليها بعض المالبس أو تقرأ الصحف. يىم " ! أ ، أنا هنا عينيه ي ومازال النعاس ف رس " قالهاكيف ي ب منكأس الحليب ثم . ً ردت أمه قائلة من جهة المطبخ: "ها أنا قادمة"، ثم حملت فطورها وقهوتها و أتت قائلة: "صباح الخ ن يا عزيزي، ؟ ً ما بك تبدو شاحبا ، هل أنت بخ ن؟". يىم أنا بخ ن يا أ ي :" ال تقلف ى َ أجاب قائال ، َ مجددا تي ولكن األحالم الغريبة راودت ، كنت أظن أنها الخامسة ع شة ي بمجرد بلوغ ي ستختف ، ولكنها ً عادت مجددا و لم يمر سوى أسبوع عىل ذلك!" " ال تخف يا صغ ني، ي ستختف ". ً قريبا ذلك". تقول ي ً : " أنت دائما ً متذمرا ردكيف ي ابتسمت أمه ثم قالت: " ً كن صبورا َ وشجاعا يا صغ ني، تذكر أن والدك سيعود من سفره الليلة وسيكون هنا من أجلك". يىم " ، و أعلم ذلك يا أ ة ر لقد سئمت منكن أسفاره، أريد أن نخرج إ ً ي ىل الصيد سويا، لقد وعدن بأن نفعل ذلك ولكن العودة! ي ه تأخرف ". ي " أنت تعلم أن والدك يعمل ف فورت وورث عن قريتنا، ً كامال ً يه تبعد يوما و ولذلك فهو مضطر ألن ك ٌ ى ين ل المن ة قبل أن يعود ى لفن ، فال تكن قليل الصرن يا عزيزي". بشعة من القهوة: "أنه إفطارك ياكيف ي ً بعد أن رسبت بعضا ً الحق رين نحو أكملت األم قائلة ثم البارحة". ً الحانة، وال تنش أن تغلق الباب بأحكام، فقد وجدته مفتوحا يىم، يا أ ً حسنا ً بتثاقل: " حسنا تي ردكيف ي أكمل عىل الذهاب، دعي ً ولكن الوقت ما زال مبكرا ً إفطاري بهدوء ثم أكمل: " يا أ هل رأيت كارل؟ األعىل يىم " صمت قليال ولكن ، ي ، بحثت عنه ف ولم أجده". ردت أمه بتذمر: " أما زلت تلعب بتلك الدمية الخشبية؟، أنت ياكيف ي ً لم تعد صغ نا ، عليك ، ً نضجا أن تصبح أكن أنت تعلم أن حياتنا ذلك ر ي اختلفت منذ ذلك اليوم، عليك أن تبف ى ً ضا حا ي ف ذهنك". ء الوحيد الذي شي يىم أنه ال يا أ : " أنت تعلم ي ً مرنرا ردكيف ي لم أفقده، ولذلك فلن أتركه مهما حدث". " عىل كل حال، أنا ذاهبة، ال تتأخر" قالتها أمه بعد أن نهضت حاملة صحن فطورها متوجهة نحو المطبخ. انتىه الجميع من اإلفطار ثم ذهبوا كالعادة إىل الحانة المجاورة لبيتهم حيث كانت األم تعمل ي يت امتلكوهامنذ سنوات. ى ف تلك الحانة ال ض بعض من الوقت حىت انتصفت الشمس السماء م ، كانت الحانة فارغ ً حىت ة ً تماما دخل ً رجل غريب، كان ، يملك لحية متوسط الطول، نحيل البنية ولكنه عريض المنكب ي سوداء ً خفيفة حول ذقنه يك وشاربا ل ي العمر بما يكف ي ف ً ، وقدكانكب نا ً خفيفا يظهر بعض الشعر األبيض فيها . كان عىل رأسه قبعة بقر سوداء ، قص نة الرأس ومنحنية بشكل بسيط من ً األطراف، وحول رقبته وشاح أسود قاتم، و يرتدي معطف ا بني ً ا فات ً حا بال أكمام يظهر ة السن ى الزرقاء القاتمة ىتي ال ً ارتداها من تحته، وبنطاال بني ً ا غامق ً كان قديما ً ا ء شي بعض ال و يكسوه بعض الغبار. ً من ذلك فقدكانت القرية محطة لم تقلق أم كيف ي من المسافرين الذين يقفون للراحة لكث نٍ قبل أن يكملوا طريقهم. ً قليال طلب الرجل ً شاب فورجلوسه وما إن انتىه من رس كأسا من به ال ىت ي مكان بيت السيد جاكسون براون؟". ي: "أيتها النادلة، هل تعلم ح سأل أم كيف ي حاولت األم إخفاء ذهولها ثم ردت قائلة: " نعم إنه زورج، ما الذي تريده منه؟". "لقد كنت أبحث عنه منذ مدة، مهم ٍ لقدكنت أريد أن أخرنه بأمر ، هل استطيع رؤيته؟". "اعتذر عن ذلك يا سيدي، ولكنه غ ن موجود اآلن، بما تريد ي أخرنن ألخرنه حينما يعود". رد الرجل بتذمر: "كم هذا مؤسف، تمنيت رؤيته بشدة، حسنا ال يهم، فقط ً أخرنيه بأن زائرا ً سيأتيه قريبا وعليه استقباله بشكل الئق". " يا سيدي، سأحرص عىل فعل ذلك". ً حسنا ً وضع الرجل بعض النقود عىل الطاولة ثم . نهض مغادرا "رافقتك السالمة يا سيدي" قالت األم. نحو الباب عندما ً ش كان الرجل متوجها دخل ك اب. بعض صناديق ال ً الحانة حامال يف ي التفت الرجل إ بذهول ثم ىت؟". ىلكيف ي أمسك بكتفه قائال:" ما اسمك يا ف ردكيف ي ً متفاجئا براون يا سيدي". :" اس يمكيف ي ً قال الرجل بصوت منخفض: " ثم أكمل طريقه خارج الحانة. "هكذا إذا أغلقت األم الحانة بمجرد حلول الليل، ل بعد يوم طويل وشاق. إىل المن وتوجهت يه وكيف ي ل رق باب المن ة ط ة وج ن ى بعد وصولهما بفن ، ً إىل الباب مناديا فتوجه كيف ي : "من هناك؟". : ً رد الطارق قائال "كيف ي، إنه أنا ، لقد عدت". يىم!، إنه والدي، لقد عاد!". ً ضخكيف ي بفرح شديد: "أ يج ذوجسٍم ، بأن االبتسامة ال تفارقه ممشوٍق كان جاكسون رجال وجذاب وجهه يو ولكنه كان يبتسم بصعوبة وقتها من شدة التعب، وقف أمام الباب وقد أرهق جسمه السفر، كان يحمل يك يح يم عىل ظهره حقيبة جلدية قد وضع فيها حاجياته، و نفسه ذو اسطوانة دوارة ل ً مسدسا ميدالند ي بحزامه، ويرتدي قبعة بقر ناصعة البياض، يعرفه جميع من ف ً من قطاع الطرق معلقا يىم وتلميعها باستمرار. بها، فهو يحب االعتناء بها بشكل يو قسمت االبتسامة وجه كيف ي بعد أن فتح الباب و قفز عىل والده وحضنه. رين " أ ، ". ً لقد اشتقت لككث نا العزيز". تي "وأناكذلك يا اب لت البهجة وجهها قائلة: َ َ ت األم وقد ع قِدم ". ً "أهال بك يا عزيزي لقد افتقدناككث نا ي حضن جاك زوجته بشدة ثم قال بعد أن قبل خدها : "نعم وأناكذلك يا عزيزن، متعب ى تي إن ً جدا، ولم آكل شيئا منذ مدة". ت األم. ى "حسنا سوف أعد لك بعض الطعام " رد ً تبادل الجميع أطراف الحديث عىل المائدة لساعة أخرى. رق الباب مرة ثم ط ل الصمت أرجاء المن َّ ي عم ، هذه الساعة المتأخرة من الليل؟. من هذا الطارق ف قالت األم:" لقد تذكرت، لقد قدم رجل اليوم يسأل عنك، وقال أن هنالك من يريد زيارتك فعليك استقباله بشكل الئق". ، ً ي هذا الوقت المتأخر؟" رد األب مستغربا ي ف ى "ولكن لم يريد زيارن ثم ذهب إىل الباب ل نى من يىم الطارق. ؟ : " هل سمعت ذلك يا أ ً ِحا ألمه فر قالكيف ي ، ي ف ً رين أننا سنذهب غدا لقد قال أ ٌ الصباح الباكر إىل الصيد ، ل يىهكم أنامتشوق يك ، ع اس يىل يا ال لذهاب النوم ل ً مبكرا -". ل قبل أن يكملكيف ي " لقد قلت لك أين ٍل من جهة باب المن بصوت عا !" ضخ رجلٌ تي اب كالمه. ا قت ى سن األم ً ى ما يحدث، فرأت رجال النظر من بعيد لن ى ً غاضبا ل، يقف خلف باب المن ً كان هزيل البنية، متوسط القامة، طويل الشعر وكثيف اللحية، يرتدي مالبس رثة، بنطاال ً أسود ا قدي ً ما ئة، و ة بنية مهن ى ى وسن كذلك خفيف ً أسودا ً معطفا ً ا. :" ما الذي تقوله ً قال األب غاضبا ؟، هل جننت؟، ؟ تي ما الذي تقصده باب ، عد أدراجك أيها ً الغريب قبل أن أوسعك ض ، مزاج جيٍد للمزاح". با ي فلست ف ً فورا تي خرج اب َ رد الرجل وهو يرصخ: " أ !، ل أعلم أنك تحبسه داخل هذا المن ، لن أسمح لك بتسليمه لهم مهماكلف األمر". ى "لهم؟، ما الذي تقصده؟، ال أعلم ن عم تتحدث، أغرب عن وج يىه أيها المعتوه". ً مد الغريب يده إىل حزامه، وأخرج مسدسا ً بنيا ذو اسطوانة دوارة ً قديما وصوبه نحو األب الفىت اآلن وإال :" أعط تي ً صارخا !". ً رفع األب يدي ه خائفا وهو يعود إ دد: ى ىل الخلف بخطوات بطيئة وهو يقول بن " هدئ من سوف أجلب الفىت روعك يا رجل، اآلن ً حسنا ً ي حسنا ، هنا ولكن هدئ من روعك و انتظرن ىت أعود ح ". ضخ الرجل وهو بسالحه: ٌ ممسك قكالمك هذا؟، ى يك أصد ل ً أحمقا تي ى " هل تظن تي عىل مكان الفىت ا ". يىم ودل ذهب أما كانت األم قد اخذتكيف ي واختبأت خلف المائدة. : " أرسع ً سالحه عىل رأسه ثم دفعه قائال ل والرجل مصوبٌ دخل األب اىل المن ، ليس لدي ب األب باتجاه ال ٍف ألالعيبك ". اقن ى ىتي وقتكا مائدة كانت عىل يمينه ببطء، عندها وبشعٍة ال ً خاطفة، ٍ جعلته يسقط أرضا ثم ضب الرجل بقوة ً حمل األبكرسيا ، ً قفز األب عليه رسيعا ى نزعه من يده. اشتد ً بمسدسه محاوال ً ممسكا العراك بينهما ولكن األب استطاع التغلب عىل ض اننع سالحه، به بمؤخرة المسدس عىل ى الرجل و ا ثم أفقدته وعيه، ً ضبة رأسه ثم نهض وهو يحاول التقاط أنفاسه. التفت ل ثم نادى:" يىل األب نحو أرجاء المن ي!، هل أنتما جو !، كيف بخ ن؟". خرج ٍق كيف ي مم خلف المائدة عىل ظهره فرأى والده وخلفه الرجل الغريب مستل ً وقد فقد وعيه، ثم قال ألبيه : رين خائفا نحن بخ ن "نعم يا أ ً ٌف جدا تي خائ ، هلكل سي ولكن ٍء استيعاب ما حدث: "أجل، لقد فقد هذا المجنون وعيه، يا ً عىل ما يرام؟". رد األب محاوال ال ، هل هذا هو الرجل الذي كان استقباله بشكل الئق؟ يىه!، ما الذي حدث للتو؟ يىلى ع ". نهضت األم ثم قالت بخوف: "ما الذي علينا فعله اآلن؟". ش رد األب: " طة بما حدث، وهم سيقومون بالالزم". علينا إبالغ ال من والده بكيف ي اقن ى ً خائفا. ." ً أي لحظة، ابق بعيدا ي : " ابتعد من هنا، فقد يستيقظ ف ً قائال التفت األب نحوكيف ي عنك". ً رين، ال أريد البقاء بعيدا ٌف يا أ تي خائ :" ولكن ردكيف ي بعد، اذهب ً "ولكن المكان ليس آمنا بجانب أم-". : "جاك!، انتبه!". ً ضخت األم فجأة كان الفىت ذو األعوام الخمسة ع شينظر إىل أبيه بخوف حينما سمع دوي صوت مخيف يشبه يسيل عىل وجهه بغزارة ئ صوت الرعد ، ء داف شي أحس حينها ب ، حاول النظر لمصدر الصوت ىّط ولكنه لم يستطع أن يرى سوى اللون األحمر الداكن الذي غ عينيه فمنعه من رؤية ما غريبة مسحت وجه الفىت بلطف ٌ حدث. امتدت يد ، فنظر إىل هذا الشخص الغريب الذي مد ل ذراعيه وحمله إىل خارج من .
 الفصل األول: انتهى

يمكنك تحميل رواية من الرابط التالي بصيغة PDF : اضغظ هنا 

0 التعليقات:

إرسال تعليق